ﻫﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻧﺒﺬﺓ: ﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻡ
ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﺎﻷﺣﻘﺎﻑ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻗﻮﻳﺎﺀ
ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻭﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ ﻭﺁﺗﺎﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺭﺯﻗﻪ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺸﻜﺮﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
ﺁﺗﺎﻫﻢ ﻭﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﻓﺄﺭﺳﻞ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ
ﻫﻮﺩﺍ ﻧﺒﻴﺎ ﻣﺒﺸﺮﺍ، ﻛﺎﻥ ﺣﻜﻴﻤﺎ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ
ﻛﺬﺑﻮﻩ ﻭﺁﺫﻭﻩ ﻓﺠﺎﺀ ﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻫﻠﻜﻬﻢ
ﺑﺮﻳﺢ ﺻﺮﺻﺮ ﻋﺎﺗﻴﺔ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺳﺒﻊ ﻟﻴﺎﻝ
ﻭﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﺎﻡ. ﺳﻴﺮﺗﻪ: ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻟﻸﺻﻨﺎﻡ: ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﺑﺘﻠﻌﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻴﺎﻩ
ﺍﻟﻄﻮﻓﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻏﺮﻕ ﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﺑﻨﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻗﺎﻡ ﻣﻦ ﺁﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﻭﻧﺠﻰ ﺑﻌﻤﺎﺭﺓ
ﺍﻷﺭﺽ. ﻓﻜﺎﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ
ﻛﺎﻓﺮ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﻣﺮﺕ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻭﺳﻨﻮﺍﺕ. ﻣﺎﺕ
ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻭﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻭﺟﺎﺀ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ. ﻧﺴﻰ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺻﻴﺔ ﻧﻮﺡ، ﻭﻋﺎﺩﺕ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ .
ﺍﻧﺤﺮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻭﺗﻢ
ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﺨﺪﻋﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﻗﺎﻝ ﺃﺣﻔﺎﺩ
ﻗﻮﻡ ﻧﻮﺡ: ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻧﻨﺴﻰ ﺁﺑﺎﺋﻨﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻧﺠﺎﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻮﻓﺎﻥ. ﻭﺻﻨﻌﻮﺍ
ﻟﻠﻨﺎﺟﻴﻦ ﺗﻤﺎﺛﻴﻞ ﻟﻴﺬﻛﺮﻭﻫﻢ ﺑﻬﺎ، ﻭﺗﻄﻮﺭ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﺟﻴﻼ ﺑﻌﺪ ﺟﻴﻞ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻷﻣﺮ
ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ ﺗﺘﺤﻮﻝ
ﺑﻤﻜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺁﻟﻬﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﺸﻜﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﻣﺮﺓ
ﺛﺎﻧﻴﺔ. ﻭﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻫﻮﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻣﻪ.
ﺇﺭﺳﺎﻝ ﻫﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: ﻛﺎﻥ "ﻫﻮﺩ"
ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﺳﻤﻬﺎ "ﻋﺎﺩ" ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺗﺴﻜﻦ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺍﻷﺣﻘﺎﻑ..
ﻭﻫﻮ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﺗﻤﺘﻠﺊ ﺑﺎﻟﺮﻣﺎﻝ، ﻭﺗﻄﻞ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺒﺤﺮ. ﺃﻣﺎ ﻣﺴﺎﻛﻨﻬﻢ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺧﻴﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮﺓ
ﻟﻬﺎ ﺃﻋﻤﺪﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﻀﺨﺎﻣﺔ ﻭﺍﻻﺭﺗﻔﺎﻉ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻗﻮﻡ ﻋﺎﺩ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﻫﻞ ﺯﻣﺎﻧﻬﻢ ﻓﻲ
ﻗﻮﺓ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ، ﻭﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﺍﻟﺸﺪﺓ.. ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻋﻤﺎﻟﻘﺔ ﻭﺃﻗﻮﻳﺎﺀ، ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻔﺎﺧﺮﻭﻥ
ﺑﻘﻮﺗﻬﻢ. ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻧﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ
ﻗﻮﺗﻬﻢ. ﻭﺭﻏﻢ ﺿﺨﺎﻣﺔ ﺃﺟﺴﺎﻣﻬﻢ، ﻛﺎﻧﺖ
ﻟﻬﻢ ﻋﻘﻮﻝ ﻣﻈﻠﻤﺔ. ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﺒﺪﻭﻥ
ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ، ﻭﻳﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻳﺤﺎﺭﺑﻮﻥ ﻣﻦ
ﺃﺟﻠﻬﺎ، ﻭﻳﺘﻬﻤﻮﻥ ﻧﺒﻴﻬﻢ ﻭﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻨﻪ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺽ، ﻣﺎ ﺩﺍﻣﻮﺍ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺮﻓﻮﺍ
ﺃﻧﻬﻢ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﻮﺓ، ﺃﻥ ﻳﺮﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻫﻮ ﺃﺷﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﻮﺓ. ﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ
ﻫﻮﺩ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ ﻛﻞ
ﺭﺳﻮﻝ. ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻭﻻ ﺗﻨﻘﺺ ﻭﻻ ﺗﺘﺮﺩﺩ ﻭﻻ
ﺗﺨﺎﻑ ﻭﻻ ﺗﺘﺮﺍﺟﻊ. ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ
ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺣﺪﻩ )ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ
ﺍﻋْﺒُﺪُﻭﺍْ ﺍﻟﻠّﻪَ ﻣَﺎ ﻟَﻜُﻢ ﻣِّﻦْ ﺇِﻟَـﻪٍ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﺃَﻓَﻼَ
ﺗَﺘَّﻘُﻮﻥَ.( ﻭﺳﺄﻟﻪ ﻗﻮﻣﻪ: ﻫﻞ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ
ﺳﻴﺪﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺪﻋﻮﺗﻚ؟ ﻭﺃﻱ ﺃﺟﺮ ﺗﺮﻳﺪﻩ؟ ﺇﻥ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﻨﻮﻥ ﺍﻟﺴﺌﻴﺔ ﺗﺘﻜﺮﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﺴﻨﺔ
ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﻧﺒﻴﻬﻢ ﻟﻺﻳﻤﺎﻥ
ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ. ﻓﻌﻘﻮﻟﻬﻢ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ. ﻭﻻ ﻳﻔﻜﺮﻭﺍ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﺠﺪ
ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ. ﺃﻓﻬﻤﻬﻢ ﻫﻮﺩ ﺃﻥ
ﺃﺟﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﻴﺮ
ﺃﻥ ﻳﻐﺴﻠﻮﺍ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.
ﺣﺪﺛﻬﻢ ﻋﻦ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻛﻴﻒ
ﺟﻌﻠﻬﻢ ﺧﻠﻔﺎﺀ ﻟﻘﻮﻡ ﻧﻮﺡ، ﻛﻴﻒ ﺃﻋﻄﺎﻫﻢ
ﺑﺴﻄﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﻭﺷﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺄﺱ،
ﻛﻴﻒ ﺃﺳﻜﻨﻬﻢ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﺢ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﻭﺍﻟﺰﺭﻉ. ﻛﻴﻒ ﺃﺭﺳﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻪ ﺍﻷﺭﺽ. ﻭﺗﻠﻔﺖ ﻗﻮﻡ ﻫﻮﺩ
ﺣﻮﻟﻬﻢ ﻓﻮﺟﺪﻭﺍ ﺃﻧﻬﻢ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺃﺻﺎﺑﺘﻬﻢ ﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺀ ﻭﺯﺍﺩﻭﺍ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﻨﺎﺩ. ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻬﻮﺩ: ﻛﻴﻒ ﺗﺘﻬﻢ ﺁﻟﻬﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ
ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺁﺑﺎﺀﻧﺎ ﻳﻌﺒﺪﻭﻧﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ ﻫﻮﺩ: ﻛﺎﻥ
ﺁﺑﺎﺅﻛﻢ ﻣﺨﻄﺌﻴﻦ. ﻗﺎﻝ ﻗﻮﻡ ﻫﻮﺩ: ﻫﻞ
ﺗﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﻫﻮﺩ ﺇﻧﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻤﻮﺕ ﻭﻧﺼﺒﺢ
ﺗﺮﺍﺑﺎ ﻳﺘﻄﺎﻳﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ، ﺳﻨﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؟ ﻗﺎﻝ ﻫﻮﺩ: ﺳﺘﻌﻮﺩﻭﻥ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻴﻜﻢ ﻋﻤﺎ
ﻓﻌﻞ. ﺍﻧﻔﺠﺮﺕ ﺍﻟﻀﺤﻜﺎﺕ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ. ﻣﺎ ﺃﻏﺮﺏ ﺍﺩﻋﺎﺀ ﻫﻮﺩ.
ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻬﺎﻣﺲ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻪ. ﺇﻥ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﻤﻮﺕ، ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﺗﺤﻠﻞ ﺟﺴﺪﻩ،
ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺤﻠﻞ ﺟﺴﺪﻩ ﺗﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﺍﺏ، ﺛﻢ
ﻳﻬﺐ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﻳﺘﻄﺎﻳﺮ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ. ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻮﺩ
ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻠﻪ؟! ﺛﻢ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻭﺟﻮﺩ
ﻳﻮﻡ ﻟﻠﻘﻴﺎﻣﺔ؟ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻣﻦ
ﻣﻮﺗﻬﻢ؟ ﺍﺳﺘﻘﺒﻞ ﻫﻮﺩ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ
ﺑﺼﺒﺮ ﻛﺮﻳﻢ.. ﺛﻢ ﺑﺪﺃ ﻳﺤﺪﺙ ﻗﻮﻣﻪ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.. ﺃﻓﻬﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﺇﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺑﺎﻵﺧﺮﺓ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻌﺪﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻣﺜﻠﻤﺎ
ﻫﻲ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻗﺎﻝ
ﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﻋﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﺇﻥ ﺣﻜﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﻤﺪﺑﺮ ﻻ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺑﻤﺠﺮﺩ
ﺑﺪﺀ ﺍﻟﺨﻠﻖ، ﺛﻢ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ. ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ،
ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﺑﻌﺪﻫﺎ. ﻓﻠﻴﺴﺖ ﺗﺼﺮﻓﺎﺕ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻈﻠﻢ،
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻘﺘﻞ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﺪﻱ..
ﻭﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﻧﺮﻯ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﺑﻐﻴﺮ
ﻋﻘﺎﺏ، ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﻧﺮﻯ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺎﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ. ﺃﻳﻦ
ﺗﺬﻫﺐ ﺷﻜﺎﺓ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ؟ ﻭﺃﻳﻦ ﻳﺬﻫﺐ
ﺃﻟﻢ ﺍﻟﻤﻀﻄﻬﺪﻳﻦ؟ ﻫﻞ ﻳﺪﻓﻦ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ؟ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ
ﻭﺟﻮﺩ ﻳﻮﻡ ﻟﻠﻘﻴﺎﻣﺔ. ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻻ ﻳﻨﺘﺼﺮ
ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳﻨﻈﻢ ﺍﻟﺸﺮ
ﺟﻴﻮﺷﻪ ﻭﻳﻘﺘﻞ ﺣﻤﻠﺔ ﺍﻟﺨﻴﺮ. ﻫﻞ ﺗﺬﻫﺐ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﻋﻘﺎﺏ؟ ﺇﻥ ﻇﻠﻤﺎ
ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻳﺘﺄﻛﺪ ﻟﻮ ﺍﻓﺘﺮﺿﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻟﻦ ﻳﺠﺊ. ﻭﻟﻘﺪ ﺣﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻈﻠﻢ
ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻣﺤﺮﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ.
ﻭﻣﻦ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺟﻮﺩ ﻳﻮﻡ ﻟﻠﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﺠﺰﺍﺀ. ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻫﻮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺎﺩ ﻓﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ
ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ، ﻭﻳﻌﺎﺩ ﻧﻈﺮﻫﺎ
ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ. ﻭﻳﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ. ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻴﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻫﻲ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺫﺍﺗﻪ.
ﻭﺛﻤﺔ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻫﻲ
ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺴﻠﻮﻙ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ. ﺇﻥ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ
ﺑﻴﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺒﻌﺚ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ،
ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻟﻠﺤﺴﺎﺏ، ﺛﻢ ﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ
ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻫﺬﺍ
ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻖ ﺃﻧﻈﺎﺭ ﺍﻟﺒﺸﺮ
ﻭﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﻌﺎﻟﻢ ﺃﺧﺮ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﺭﺽ، ﻓﻼ
ﺗﺴﺘﺒﺪ ﺑﻬﻢ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻻ
ﻳﺴﺘﻌﺒﺪﻫﻢ ﺍﻟﻄﻤﻊ، ﻭﻻ ﺗﺘﻤﻠﻜﻬﻢ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ،
ﻭﻻ ﻳﻘﻠﻘﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﻘﻘﻮﺍ ﺟﺰﺍﺀ ﺳﻌﻴﻬﻢ
ﻓﻲ ﻋﻤﺮﻫﻢ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ، ﻭﺑﺬﻟﻚ
ﻳﺴﻤﻮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ
ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻔﺨﻪ ﺭﺑﻪ ﻓﻴﻪ. ﻭﻟﻌﻞ
ﻣﻔﺘﺮﻕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ
ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻗﻴﻤﻬﺎ ﻭﻣﻮﺍﺯﻳﻨﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﻴﻢ
ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ، ﻭﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ،
ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻴﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ. ﺣﺪﺛﻬﻢ
ﻫﻮﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻓﺎﺳﺘﻤﻌﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻛﺬﺑﻮﻩ.
ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻫﻴﻬﺎﺕ.. ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﺑﻮﺍ ﺃﻥ
ﻳﺒﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ، ﺍﺳﺘﻐﺮﺑﻮﺍ ﺃﻥ
ﻳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ، ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﺧﻠﻘﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ. ﻭﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﻛﺎﻥ
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺲ ﺍﻟﻤﻜﺬﺑﻮﻥ ﻟﻠﺒﻌﺚ ﺃﻥ
ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻈﺎﻡ
ﺃﺳﻬﻞ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻷﻭﻝ. ﻟﻘﺪ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﺄﻱ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ؟! ﺇﻥ
ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ -ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ- ﺗﻜﻤﻦ
ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻖ. ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻏﻴﺮ
ﻣﻘﻴﺎﺱٍ ﺑﺸﺮﻱ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺃﻣﺎ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻣﻮﺭ ﺻﻌﺒﺔ ﺃﻭ ﺳﻬﻠﺔ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﺗﺠﺮﻱ ﺍﻷﻣﻮﺭ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﻷﻣﺮ. ﺗﺘﻤﺔ
<<ﻫﻮﺩ