ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻴﻦ ﻭﺗﻮﺿﻴﺢ ﺍﻟﻔﻘﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﺪِّﻳﻦ
ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ
ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﺴﻌﺪﻱ
ﺍﻟﻤﺘﻮﻓَّـﻰٰ ﺳﻨﺔ 1376 ﻫـ
ﻭﻫﺬﺍ ﺷﺮﺡ ﻣﻴﺴّﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ
ﺣﻠﻘﺎﺕ
ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﻛﺘﺎﺏ
ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻴﻦ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
ﻭﺑﻪ ﻧﺴﺘﻌﻴﻦ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ
ﺍﻟﺴﺤﻴﻢ :
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﺍﻓﺘﺘﺢ ﺍﻟﻤﺼﻨﻒ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺘﺎﺑﻪ
ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﺍﻗﺘﺪﺍﺀ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ،
ﻭﻟﺒﺮﻛﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ " ﻛﻞ ﺃﻣﺮ ﺫﻱ ﺑﺎﻝ ﻻ
ﻳﺒﺪﺃ ﻓﻴﻪ ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ
ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻓﻬﻮ ﺃﺑﺘﺮ " ﻓﻬﻮ ﺣﺪﻳﺚ
ﺿﻌﻴﻒ ﺟﺪﺍً ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺇﺭﻭﺍﺀ
ﺍﻟﻐﻠﻴﻞ ﻟﻸﻟﺒﺎﻧﻲ .
ﺛﻢ ﺍﻓﺘﺘﺢ ﺍﻟﻤﺼﻨﻒ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺨُﻄﺒﺔ
ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻔﺘﺘﺢ ﺑﻬﺎ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻧﺤﻤﺪﻩ ﻭﻧﺴﺘﻌﻴﻨﻪ
ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻩ ﻭﻧﺘﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻭﻧﻌﻮﺫ
ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﺭ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﺳﻴﺌﺎﺕ
ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ،
ﻣﻦ ﻳﻬﺪﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻼ ﻣﻀﻞ ﻟﻪ ،
ﻭﻣﻦ ﻳﻀﻠﻞ ﻓﻼ ﻫﺎﺩﻯ ﻟﻪ
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺍﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ
ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪ
ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻭﻗﺪ ﺗﻀﻤّﻨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ
ﻭﻟﻨﺒﻴِّـﻪ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ
ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ .
ﻭﺍﻓﺘﺘﺢ ﺍﻟﻤﺼﻨﻒ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﻬﺬﻩ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : ﻛﻞ ﺧﻄﺒﺔ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ
ﺗﺸﻬﺪ ﻓﻬﻲ ﻛﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺠﺬﻣﺎﺀ . ﺭﻭﺍﻩ
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ
ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ .
ﻭﺍﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﻳﺠﺪ
ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ
ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﺨﻼﻑ
ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺘﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
" ﻧﺴﻌﻴﻨﻪ ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻩ ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﻪ "
ﺑﺎﻟﻨﻮﻥ ، ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺗﺎﻥ ﺑﺎﻹﻓﺮﺍﺩ .
ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ :
ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻻ
ﻳﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻋﻦ ﺃﺣﺪ ﻭﻻ ﺗﻘﺒﻞ
ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺑﺤﺎﻝ ﺃﻓﺮﺩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺑﻬﺎ ،
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ
ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺫﺓ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻳُﻘﺒﻞ
ﺫﻟﻚ ، ﻓﻴﺴﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻐﻴﺮﻩ ،
ﻭﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ، ﻭﻳﺴﺘﻌﻴﺬ ﺑﺎﻟﻠﻪ
ﻟﻪ ﺃُﺗﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﺠﻤﻊ ...
ﻭﻓﻴﻪ ﻣﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ
ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺫﺓ
ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻃﻠﺐ ﻭﺇﻧﺸﺎﺀ ،
ﻓﻴﺴﺘﺤﺐ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﺒﻪ
ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻹﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ، ﻭﺃﻣﺎ
ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻬﻲ ﺇﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ
ﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻮﺍﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﻭﻟﻨﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ
ﻭﻫﻲ ﺧﺒﺮ ﻳُﻄﺎﺑﻖ ﻋَﻘْﺪ ﺍﻟﻘﻠﺐ
ﻭﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ، ﻭﻫﺬﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺨﺒﺮ ﺑﻪ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻌﻠﻤﻪ
ﺑﺤﺎﻟﻪ ، ﺑﺨﻼﻑ ﺇﺧﺒﺎﺭﻩ ﻋﻦ
ﻏﻴﺮﻩ ، ﻓﺈﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻪ
ﻭﻧﻄﻘﻪ ﻻ ﻋﻦ ﻋَﻘْﺪ ﻗﻠﺒﻪ ، ﻭﺍﻟﻠﻪ
ﺃﻋﻠﻢ . ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻣﻪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :
ﻓﻬﺬﺍ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ،
ﺟﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ
ﻭﺍﻟﺪﻻﺋﻞ ﻭﺍﻗﺘﺼﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ
ﺃﻫﻢ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺃﻋﻈﻤﻬﺎ ﻧﻔﻌﺎ
ﻟﺸﺪّﺓ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ
ﻭﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺺ ﺇﺫﺍ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﺿﺤﺎ
ﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺣﻔﻈﻪ ﻭﻓﻬﻤﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﺋﻴﻦ
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻤﺼﻨﻒ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻫﺬﺍ
ﻣُﺨﺘَﺼَﺮﺍً ﻣُﻘﺘﺼِﺮﺍً ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻨﺺ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤُـﻜﻢ
ﻭﺍﺿﺤﺎً
ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻤﺼﻨّﻒ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳُﻜﺜﺮ
ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺍﻟﺤﻔﻆ
ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ .
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﻮﻕ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻭﻳﺆﺧّﺮ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً
ﻟﻴﺴﻮﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ : ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻖ
ﺑﺪﻟﻴﻠﻪ
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ
ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ، ﻭﺭﺑﻤﺎ
ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ .
ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ :
ﺍﻟﻌـِﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻟـﻪ
*** ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤـﺎﺑﺔ ﻟﻴﺲ
ﺑﺎﻟﺘﻤﻮﻳﻪ
ﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻧﺼﺒﻚ ﻟﻠﺨﻼﻑ ﺳﻔﺎﻫﺔ
*** ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﺃﻯ
ﻓﻘﻴﻪ
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻮﻧﻴﺔ :
ﺍﻟﻌِـﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻟـﻪ
*** ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻫﻢ ﺃﻭﻟﻮ
ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ
ﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻧﺼﺒﻚ ﻟﻠﺨﻼﻑ ﺳﻔﺎﻫﺔ
*** ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺑﻴﻦ ﺭﺃﻱ
ﻓﻼﻥ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ : ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﺑﺄﺩﻟﺘﻬﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻹﺟﻤﺎﻉ
ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻔﻘﻪ ، ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻬﻢ
ﻭﻳﺰﻳﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ :
ﺑﺄﺩﻟّﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ
ﻟﻴﺨﺮﺝ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻴﺪ " ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ
ﺑﺄﺩﻟﺘﻬﺎ ﺍﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ " ﻭﻳُﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ
ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ
ﻷﻥ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺗﺒﺤﺚ ﻓﻲ
ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺗﻮﺿﻊ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ .
ﻭﺍﻗﺘﺼﺮ ﺍﻟﻤﺼﻨﻒ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﺩﺭ
ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺍﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،
ﻭﻫﻲ :
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺃُﻃﻠﻖ ﻓﺈﻧﻪ ﻳُﻘﺼﺪ
ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ " ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ . "
ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ، ﻭﻳُﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﺻﺪﺭ ﻋﻦ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ
ﻗﻮﻝ ﺃﻭ ﻓﻌﻞ ﺃﻭ ﺳﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺮﻳﺔ ﺃﻭ
ﻭﺻﻒ ﺧﻠﻘﻲ ﺃﻭ ﺧُﻠﻘﻲ .
ﻭﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ، ﺃﻱ ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻷﻣﺔ ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ، ﻭﻟﻮ ﺟﺮﻯ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻓﻲ
ﻋﺼﺮ ﺛﻢ ﻭﻗﻊ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻭﺍﺳﺘﻘﺮ
ﻭﺟﺐ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻪ ﻭﺣﺮُﻣﺖ
ﻣُﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺧﺮﻕ
ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ، ﻭﻳﺠﺪﺭ ﺑﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﺣﺘﻰ ﻻ
ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻄﻮﺍﻡّ ﺗُﻀﺤﻚ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡّ !
ﻭﻗﺪ ﺩﻝّ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﻠﻰ
ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ : ) ﻭَﻣَﻦ ﻳُﺸَﺎﻗِﻖِ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝَ
ﻣِﻦ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﻴَّﻦَ ﻟَﻪُ ﺍﻟْﻬُﺪَﻯ ﻭَﻳَﺘَّﺒِﻊْ
ﻏَﻴْﺮَ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻧُﻮَﻟِّﻪِ ﻣَﺎ
ﺗَﻮَﻟَّﻰ ﻭَﻧُﺼْﻠِﻪِ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻭَﺳَﺎﺀﺕْ
ﻣَﺼِﻴﺮًﺍ (
ﻭﺩﻟّﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻗﺪ ﺃﺟﺎﺭ ﺃﻣﺘﻲ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺠﺘﻤﻊ
ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﺔ . ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ
ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭﺓ .
ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﻨﺒّﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ
ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﺃﻭ ﻳﺴﻮﻗﻪ ﻳﺘﺴﺎﻫﻞ
ﻓﻴﻪ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ
ﻭﻣﻤﻦ ﻭُﺻﻒ ﺑﺬﻟﻚ : ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ
ﺍﻟﻤﻨﺬﺭ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻭﺍﺑﻦ
ﻗﺪﺍﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﻨﻲ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻴﻞ :
ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻛﺬﺍ ﻓﻴﺤﺘﺎﺝ
ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻨﻪ ، ﺇﺫ ﻗﺪ ﻳﻌﻨﻮﻥ ﺑﻪ
ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ .
ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ : ﺃﻥ ﻳُﻘﺎﺱ ﻓﺮﻉ ﻋﻠﻰ
ﺃﺻﻞ ﺛﺎﺑﺖ ﺣﻜﻤﻪ ، ﻭﻳﺸﺘﺮﻙ
ﺍﻟﻤﻘﻴﺲ ﻭﺍﻟﻤﻘﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﻠّﺔ .
ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺘﻨﺒّﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﺜﺮﺓ
ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .
ﻭﻟﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ : ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺨﻄﺊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ
ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .
ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ
ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : ﻓﺎﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﻟﺔ
ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﻟﺔ
ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ .
ﻓﻼ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺇﻻ ﺑﻮﺟﻮﺩ
ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ
ﻭﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺍﻟﺠﻠﻲ
ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻘﺎﺱ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻻ ﻋﺒﺮﺓ ﺑﻤﻦ ﺧﺎﻟﻒ ﺃﻭ ﺭﺩّ
ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﻘﺪ ﺭﺩ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﻗﺎﻝ
ﺑﺒﻄﻼﻧﻪ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳُﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ) ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ
ﻭﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ( ﻫﻲ
ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺍﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻟﻼﺳﺘﺪﻻﻝ
ﻣُﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻬﺎ ، ﻭﻣﻨﻬﺎ :
* ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻧﻪ
ﺣﺠﺔ
* ﺍﻻﺳﺘﺤﺴﺎﻥ
* ﺍﺳﺘﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺎﻝ
* ﻋﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ، ﻭﻫﻲ ﻣﺒﺴﻮﻃﺔ ﻓﻲ
ﻛُﺘﺐ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﺃﻗﺘﺼِﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ
ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﻳﻞ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺭﺩ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺩﻟﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻀﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺧﺸﻴﺔ
ﺍﻹﻃﺎﻟﺔ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﻟﺔ ﺧﻼﻓﻴﺔ
ﺍﻗﺘﺼﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺟﺢ
ﻋﻨﺪﻱ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻸﺩﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻭﻗﻴّﺪﻩ ﺑﻤﺎ ﺗﺮﺟّﺢ ﻋﻨﺪﻩ ؛ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ
ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﺭﺍﺟﺤﺎ ﻭﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮﻩ
ﻣﺮﺟﻮﺣﺎ ، ﻟﻤﺎ ﻳﺮﻯ ﺃﻭ ﻟﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ
ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻷﺩﻟﺔ .
ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺼﺢ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﻋﺎﻟﻢ
ﻓﻴﺄﺧﺬ ﺑﻪ ، ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮﻩ
ﻓﻼ ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻪ ، ﻭﻫﻜﺬﺍ .
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ :
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻫﺬﻩ ﺗُﺴﻤﻰ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ، ﺃﻭ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻔﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻛُﻠّﻒ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ، ﻭﺍﻟﻘﻴﺪ ﻓﻴﻬﺎ
ﺃﻏﻠﺒﻲ ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺡ ﻻ ﻳُﻜﻠّﻒ ﺑﻪ ،
ﻓﻼ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﻪ ﺃﻣﺮ ﻭﻻ ﻧﻬﻲ .
ﻭﻗﺪ ﻋﺮّﻑ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻭﺃﻗﺴﻤﻬﺎ ،
ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳُﺴﻤّﻴﻪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻮﻥ :
ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﺮﺳﻢ .
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺎﻟﺤﺪّ ، ﻭﻫﻮ
ﺑﻴﺎﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ : ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺃُﺛﻴﺐ ﻓﺎﻋﻠﻪ
ﻭﻋﻮﻗﺐ ﺗﺎﺭﻛﻪ
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻏﻴﺮ ﺩﻗﻴﻖ .
ﻟﻤﺎﺫﺍ ؟
ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ
ﺃُﺛﻴﺐ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭﻻ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻪ ﺃﺛﻢ
ﻭﻋﻮﻗﺐ .
ﻭﻟﻮ ﻗﻴﻞ : ﻣﺎ ﺃﺛُﻴﺐ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺍﻣﺘﺜﺎﻻً ،
ﻭﻋﻮﻗﺐ ﺗﺎﺭﻛﻪ ﻋﻤﺪﺍً .
ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ : ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻗﺪ ﻳُﺼﻠﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ﻭﻻ ﻳُﺜﺎﺏ
ﻭﻗﺪ ﻳﺘﺮﻛﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻧﺴﻴﺎﻧﺎ ﻭﻻ
ﻳُﻌﺎﻗﺐ ، ﻭﻟﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : ﻣﻦ ﻧﺴﻲ ﺻﻼﺓ
ﻓﻠﻴﺼﻠﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻻ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﻟﻬﺎ
ﺇﻻ ﺫﻟﻚ . ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ .
ﻭﻗﺪ ﻋُﺮّﻑ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑـ : ﻣﺎ
ﺍﺳﺘﺤﻖ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺑﻔﻌﻠﻪ ،
ﻭﺍﺳﺘﺤﻖ ﺗﺎﺭﻛﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺑﺘﺮﻛﻪ .
ﻭﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﺎﻟﺤﺪّ : ﻣﺎ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ
ﻓﻌﻠﻪ ﻃﻠﺒﺎ ﺟﺎﺯﻣﺎ
ﻓﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﻣﻄﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ
ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺠﺰﻡ ، ﺑﺨﻼﻑ
ﺍﻟﻤﺴﻨﻮﻥ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﺍﻟﺤﺮﺍﻡ : ﺿﺪﻩ
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻳﻌﻨﻲ : ﻣﺎ ﻋﻮﻗﺐ ﻓﺎﻋﻠﻪ ، ﻭﺃُﺛﻴﺐ
ﺗﺎﺭﻛﻪ .
ﻳُﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻲ
ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ، ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻏﻴﺮ
ﺩﻗﻴﻖ .
ﻓﻠﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻣُﺤﺮّﻣﺎ
ﺑﺂﺛﻢ ، ﻭﻻ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻣُﺤﺮّﻣﺎ
ﻣﺄﺟﻮﺭ ﻣُﺜﺎﺏ .
ﻓﻘﺪ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻭﻳُﻌﺎﻗﺐ
ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﻗﺪ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻟﻨﻈﺮ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﻟﻠﻪ
ﻋﺰ ﻭﺟﻞ .
ﻭﻗﺪ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ
ﺑﺤﺮﻣﺘﻪ ﻓﻼ ﻳُﻌﺎﻗﺐ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﻣُﻔﺮّﻃﺎ
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺮﺗﻜﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻤﺤﺮّﻡ –
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺒﻴﺮﺓ – ﺗﺤﺖ ﻣﺸﻴﺌﺔ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ، ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﻏﻔﺮ
ﻟﻪ ، ﻭﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﻋﺬّﺑﻪ .
ﻭﻟﻮ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ : ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﻓﺎﻋﻠﻪ
ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ، ﻭﺍُﺛﻴﺐ ﺗﺎﺭﻛﻪ ﻟﻠﻪ ، ﻟﻜﺎﻥ
ﺃﻭﻟﻰ .
ﻭﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﺎﻟﺤﺪّ : ﻣﺎ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ
ﺗﺮﻛﻪ ﻃﻠﺒﺎ ﺟﺎﺯﻣﺎ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻩ : ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺛﻴﺐ
ﺗﺎﺭﻛﻪ ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻓﺎﻋﻠﻪ
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻛﺬﻟﻚ
ﻟﻮ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ : ﻣﺎ ﺃُﺛﻴﺐ ﺗﺎﺭﻛﻪ
ﺍﻣﺘﺜﺎﻻً ، ﻭﻟﻢ ﻳُﻌﺎﻗﺐ ﻓﺎﻋﻠﻪ .
ﻟﻜﺎﻥ ﺃﻭﻟﻰ .
ﻭﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﺎﻟﺤﺪّ : ﻣﺎ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ
ﺗﺮﻛﻪ ﻃﻠﺒﺎ ﻏﻴﺮ ﺟﺎﺯﻡ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﺍﻟﻤﺴﻨﻮﻥ : ﺿﺪﻩ
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻛﺬﻟﻚ
ﻓﺎﻟﻤﺴﻨﻮﻥ ﻣﺎ ﺃُﺛﻴﺐ ﻓﺎﻋﻠﻪ
ﺍﻣﺘﺜﺎﻻً ، ﻭﻟﻢ ﻳُﻌﺎﻗﺐ ﺗﺎﺭﻛﻪ .
ﻭﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﺎﻟﺤﺪّ : ﻣﺎ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ
ﻓﻌﻠﻪ ﻃﻠﺒﺎ ﻏﻴﺮ ﺟﺎﺯﻡ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺡ : ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﺗﺮﻛﻪ
ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﺍﻟﻤﺒﺎﺡ ﻣﺘﺴﺎﻭﻱ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ
ﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﻓﻴﻪ ﺃﻣﺮ ﻭﻻ ﻧﻬﻲ
ﺑﺨﺼﻮﺻﻪ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻢ
ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ
ﻋﺒﺎﺩﺍﺗﻪ ﻭﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻪ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ
ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﻣﻦ
ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺧﻴﺮﺍ ﻳﻔﻘﻬﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻳﻦ . ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
ﺍﻟﺸﺮﺡ :
ﻫﺬﺍ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﻜﻠّﻒ ، ﻭﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠّﻢ ﻣﺎ ﺗﺼﺢ ﺑﻪ
ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ، ﻭﻣﺎ ﺗﺼﺢ ﺑﻪ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ،
ﻭﻣﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻪ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻓﺮﺽ ﻋﻴﻦ ﻋﻠﻰ
ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻣﺴﻠﻤﺔ ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻓﺮﻳﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ . ﺭﻭﺍﻩ
ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭﻏﻴﺮﻩ ، ﻭﺻﺤﺤﻪ
ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ .
ﻓﺎﻟﻔﻘﻴﺮ – ﻣﺜﻼ – ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ
ﺗﻌﻠّﻢ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ، ﻭﻻ ﺗﻌﻠّﻢ
ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺤﺞ ، ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺪ
ﺍﻟﻤﺎﻝ .
ﻷﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣُﻜﻠّﻒ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻻ ﻳُﻌﺬﺭ ﺑﺘﻌﻠﻢ
ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﺃﺣﺪ ، ﺇﺫ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻷﻧﺜﻰ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮّ
ﻭﺍﻟﻌﺒﺪ .
ﻭﻣﻦ ﺗﻌﻠّﻢ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺩﻳﻨﻪ ﺭﻓﻊ
ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ
ﻭﺃﺻﺎﺑﺘﻪ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻣﻦ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ
ﺧﻴﺮﺍ ﻳﻔﻘﻬﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ "
ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻞ ، ﻭﺇﻧﻤﺎ
ﻳﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻭﺑﺼﻴﺮﺓ .
ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣُﻄﻤﺌﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ
ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻭﻣﻌﺘﻘﺪﻩ .
ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻧﻮﺭ ﻷﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ .
ﻭﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻣﻦ
ﻳﺮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺧﻴﺮﺍ ﻳﻔﻘﻬﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻳﻦ "
ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳُﺮﺩ ﺑﻪ ﺧﻴﺮﺍً ﻟﻢ
ﻳُﻔﻘﻬﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪّﻳﻦ .
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﺃﻋﻠﻢ .
ﺍ