ﻌﻨﻮﺍﻥ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ
ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺷﺒﻜﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ
ﻧﺺ ﺍﻟﺪﺭﺱ:
ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ -ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ- ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : )ﻣﻦ ﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ
ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻭﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً
ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻭﺃﻥ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻭﻛﻠﻤﺘﻪ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ ﻭﺭﻭﺡ
ﻣﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺠﻨﺔ ﺣﻖ، ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﺣﻖ، ﺃﺩﺧﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ( ﺃﺧﺮﺟﻪ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ.
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
)ﻫﺬﺍ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻈﻴﻢ ﺟﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ، ﻭﻫﻮ
ﺃﺟﻤﻊ - ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﺟﻤﻊ- ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ
ﺍﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ، ﻓﺈﻧﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺟﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳُﺨﺮﺝ ﻋﻦ ﻣﻠﻞ
ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﻢ ﻭﺗﺒﺎﻋﺪﻫﺎ،
ﻓﺎﻗﺘﺼﺮ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﺣﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺎﻳﻦ ﺑﻪ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ(.
ﻓﻔﻲ ﻫﺬﺍ ﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﺪﺓ ﻭﻗﻔﺎﺕ، ﺃﻭ
ﺟﺰﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ:
ﺍﻟﻮﻗﻔﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ: ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : )ﻣﻦ ﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ(..، ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻤﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ
ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ، ﻟﻬﺎ ﻣﺪﻟﻮﻟﻬﺎ
ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : )ﻣﻦ ﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ
ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ(، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﺃﻱ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﺎﺭﻓﺎ
ﻟﻤﻌﻨﺎﻫﺎ، ﻋﺎﻣﻼً ﺑﻤﻘﺘﻀﺎﻫﺎ ﺑﺎﻃﻨﺎ ﻭﻇﺎﻫﺮﺍً
ﻛﻤﺎ ﺩﻝّ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: )ﻓﺎﻋﻠﻢ
ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ(، ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ: )ﺇﻻ
ﻣﻦ ﺷﻬﺪ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭﻫﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ(، ﺃﻣﺎ
ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻟﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﻭﻻ
ﻋﻤﻞ ﺑﻤﻘﺘﻀﺎﻫﺎ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﻓﻊ
ﺑﺎﻹﺟﻤﺎﻉ.
ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ: ﻻ ﻣﻌﺒﻮﺩ
ﺑﺤﻖ ﺇﻻ ﺇﻟﻪ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ
ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻭﻣﺎ
ﺃﺭﺳﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺇﻻ ﻧﻮﺣﻲ
ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺎ ﻓﺎﻋﺒﺪﻭﻥ(، ﻭﻗﻮﻟﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ: )ﻭﻟﻘﺪ ﺑﻌﺜﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻣﺔ ﺭﺳﻮﻻً
ﺃﻥ ﺍﻋﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺟﺘﻨﺒﻮﺍ ﺍﻟﻄﺎﻏﻮﺕ(.
ﻓﻨﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﻣﻌﺒﻮﺩ
ﺑﺤﻖ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻬﻮ
ﺍﻟﻤﺘﻔﺮﺩ ﺑﺎﻷﻟﻮﻫﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺮﺩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ
ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻭﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍﻹﻣﺎﺗﺔ،
ﻭﺍﻹﻳﺠﺎﺩ ﻭﺍﻹﻋﺪﺍﻡ، ﻭﺍﻟﻨﻔﻊ ﻭﺍﻟﻀﺮ،
ﻭﺍﻹﻋﺰﺍﺯ ﻭﺍﻹﺫﻻﻝ، ﻭﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻹﺿﻼﻝ،
ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ، ﻭﻟﻢ
ﻳﺸﺮﻛﻪ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻭﻻ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺗﻔﺮﺩ
ﺑﺎﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻰ، ﻭﻟﻢ
ﻳﺘﺼﻒ ﺑﻬﺎ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﺒﻬﻪ ﺷﻲﺀ ﻓﻴﻬﺎ،
ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺗﻔﺮﺩﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺎﻹﻟﻬﻴﺔ ﺣﻘﺎً ﻓﻼ
ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ، ﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ:
)ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮﻥ
ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻲ
ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ(، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻠﻰ: )ﻣﺎ ﺍﺗﺨﺬ ﺍﻟﻠﻪ
ﻣﻦ ﻭﻟﺪ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺇﻟﻪ ﺇﺫﺍً ﻟﺬﻫﺐ
ﻛﻞ ﺇﻟﻪ ﺑﻤﻦ ﺧﻠﻖ ﻭﻟﻌﻼ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ
ﺑﻌﺾ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﺼﻔﻮﻥ * ﻋﺎﻟﻢ
ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﺘﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻤﺎ
ﻳﺸﺮﻛﻮﻥ(، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ: )ﻗﻞ ﻟﻮ
ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﺁﻟﻬﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﺫﺍً ﻻﺑﺘﻐﻮﺍ
ﺇﻟﻰ ﺫﻱ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺳﺒﻴﻼً * ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻋﻠﻮﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍ * ﺗﺴﺒﺢ
ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﻦ ﻓﻴﻬﻦ
ﻭﺇﻥ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﻳﺴﺒﺢ ﺑﺤﻤﺪﻩ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ
ﺗﻔﻘﻬﻮﻥ ﺗﺴﺒﻴﺤﻬﻢ ﺇﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺣﻠﻴﻤﺎً ﻏﻔﻮﺭﺍ(،
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ: )ﻟﻘﺪ ﻛﻔﺮ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺛﺎﻟﺚ ﺛﻼﺛﺔ ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺇﻟﻪ
ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻬﻮﺍ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻴﻤﺴﻦ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺬﺍﺏ ﺃﻟﻴﻢ(، ﻭﻗﺎﻝ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: )ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻬﻮ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﺍﻟﺤﻖ
ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻮ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ
ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ(، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺟﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ: )ﻗﻞ ﻣﻦ
ﺭﺏ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻗﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﻞ
ﺃﻓﺎﺗﺨﺬﺗﻢ ﻣﻦ ﺩﻭﻧﻪ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ
ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﻧﻔﻌﺎً ﻭﻻ ﺿﺮﺍً ﻗﻞ ﻫﻞ ﻳﺴﺘﻮﻱ
ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻭﺍﻟﺒﺼﻴﺮ ﺃﻡ ﻫﻞ ﺗﺴﺘﻮﻱ
ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ ﺃﻡ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻟﻠﻪ ﺷﺮﻛﺎﺀ
ﺧﻠﻘﻮﺍ ﻛﺨﻠﻘﻪ ﻓﺘﺸﺎﺑﻪ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ
ﺍﻟﻘﻬﺎﺭ(... ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻝ ﺩﻻﻟﺔ ﺻﺮﻳﺤﺔ ﺃﻭ
ﺿﻤﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﻣﻌﺒﻮﺩ ﺑﺤﻖ ﺇﻻ
ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻜﻤﺎ ﺗﻔﺮﺩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ
ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻛﻤﺎ
ﺗﻔﺮﺩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ
ﺍﻟﻌﻠﻰ، ﺗﻔﺮﺩ ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ، ﻓﻼ
ﻳﺠﻮﺯ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺃﺣﺪ ﺳﻮﺍﻩ.
ﺍﻟﻮﻗﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﻻ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺣﻖ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺇﻻ ﺑﺄﻥ ﻳﺤﻘﻖ ﺷﺮﻭﻃﻬﺎ،
ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻈﻤﻬﺎ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ:
ﻭﺑﺸﺮﻭﻁ ﺳﺒﻌﺔ ﻗﻴﺪﺕ
ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ
ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺍﻟﻴﻘﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﻝ
ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ
ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ
ﻭﻓﻲ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻮﺣﻲ
ﺣﻘﺎ ﻭﺭﺩﺕ
ﺑﺎﻟﻨﻄﻖ ﺇﻻ ﺣﻴﺚ
ﻳﺴﺘﻜﻤﻠﻬﺎ
ﻭﺍﻹﻧﻘﻴﺎﺩ، ﻓﺎﺩﺭ ﻣﺎ
ﺃﻗﻮﻝ
ﻭﻓﻘﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤﺎ ﺃﺣﺒﻪ
ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﻖ
ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ
ﺷﺮﻭﻃﻬﺎ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ، ﻭﻫﻲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ:
-1 ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﻪ: ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﻔﻴﺎً ﻭﺇﺛﺒﺎﺗﺎ، ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻲ ﻟﻠﺠﻬﻞ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ
ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: )ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ(.
ﻭﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ﻋﻦ
ﻋﺜﻤﺎﻥ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ- ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : )ﻣﻦ
ﻣﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﺧﻞ
ﺍﻟﺠﻨﺔ(.
ﻓﻨﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ
ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﺗﺪﻝّ ﻋﻠﻴﻪ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻄﻘﻬﺎ
ﺟﺎﻫﻼً ﺑﻬﺎ ﻭﺑﻤﻌﻨﺎﻫﺎ، ﻓﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻄﻖ.
-2 ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ: ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻗﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻣﺴﺘﻴﻘﻨﺎً ﺑﻤﺪﻟﻮﻟﻬﺎ ﻳﻘﻴﻨﺎً
ﺟﺎﺯﻣﺎ ﻣﻨﺎﻓﻴﺎً ﻟﻠﺸﻚ، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ:
)ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ
ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﺎﺑﻮﺍ ﻭﺟﺎﻫﺪﻭﺍ ﺑﺄﻣﻮﺍﻟﻬﻢ
ﻭﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻫﻢ
ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻮﻥ(.
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻦ
ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ- ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :
)ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺃﻧﻲ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﻳﻠﻘﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﻋﺒﺪٌ ﻏﻴﺮ ﺷﺎﻙ ﻓﻴﻬﻤﺎ
ﻓﻴﺤﺠﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ(.
ﻓﺎﺷﺘﺮﻁ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻓﻲ ﺩﺧﻮﻝ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﻟﻬﺎ
ﻏﻴﺮ ﺷﺎﻙ ﺑﻬﺎ ﻣﺴﺘﻴﻘﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﻗﻠﺒﻪ.
-3 ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ
ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻭﻟﺴﺎﻧﻪ، ﻭﺍﻵﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ
ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ
ﺇﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﺎ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
)ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﺭﺳﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻚ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ
ﻣﻦ ﻧﺬﻳﺮ ﺇﻻ ﻗﺎﻝ ﻣﺘﺮﻓﻮﻫﺎ ﺇﻧﺎ ﻭﺟﺪﻧﺎ